السبت، 14 فبراير 2009

تقديم( مقدمة1)

بسم الله الرحمن الرحيم
" ..من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا"

*أحمد موسى سالم رجل من رجالات القرن العشرين ، إذا ذكرت العروبة فهو من أعظم من ناصروها ، وإذا ذكر الدين
فهو من أكثر من فهموه وطبقوه على أنفسهم قبل أن ينصحوا الناس بالتمسك بمبادئه ، وإذا ذكرت السياسة فهو سياسي
من الطراز الأول رغم أنه لم يتحزب ولم ينضوي تحت أي حزب أو جماعة ، فقد قبل أن يخدم أهله كعضو منتخب بمجلس
الأمة في خمسينات وستينيات القرن العشرين وإذاذكر الأدب فهو أديب بارع فيه فقد ترك تراثا أدبيا ضمته عدة
مؤلفات برز فيها الأسلوب الأدبي القوي الذي لا يباريه فيه سوى العقاد ، وإذا ذكر العلم فهو صاحب منهج علمي
واضح يقوم
علي حقائق العلم الحديث التي لا تتعارض مع
ثوابت الدين الحنيف ، وحقائق الإيمان الناصع بكل ما وهبه الله للإنسان من قدرات عقلية
بعيدا عن الخرافات
والجهالات والخداع والضلال و الإضلال.

*أحمد موسى سالم الذي ولد بمحافظة الشرقية بمصر في 25/2/1915م ، لأب كان قاضيا شرعيا ، وأم فاضلة
، تعلم التعليم
الذي اتيح له وانتقل إلى القاهرة مع والده وظهرت علامات التفو ق الأدبي فكتب الشعر لكنه لم
ينشره ولم يواصل
الكتابة فيه ، وجذبته الصحافة
، وأسس في الثلاثينات جريدة الأنصار ، وبأت تتبلور نظرته إلى الحياة وكل ما يحيط به.

ورأى أنه يمكنه أن يعمل على تأسيس مجتمع فاضل ، فأراد أن ييدأ في سيناء وفعلا سافر إلى
هناك مع مجموعة من المتفقين معه في الفكرة التي تقوم على أن الإنسان ابن للبيئةالتي
ينشأ فيها فإذا كانت صافية قوية صار الإنسان

قويا وإذا كانت سيئة مزدحمة بالمتناقضات صار الإنسان إنعكاسا لها ، وظهرت فيه كل أمراضها ، وهذه الفكرة
طبقها قبله العرب إبان قوتهم ، فقد حرص كل الخلفاء العرب من بداية حكم بني أمية وحتي الأمين والمأمون على
أن يتربى ولي العهد في الصحراء عند أخواله أو أعمامه ، وهذه حقيقة ، وقد بدأ انهيار الدولة العربية عندما
ترك الخلفاء هذه العادة ، فضعفت الدولة المركزية لأسباب كثيرة منها أن الخلفاء صاروا
ضعفاء مثل من قاموا على تربيتهم من الجواري والعبيد ، وفي بيئة كلها دسائس وضغائن ومؤآمرات في القصورفلم ينشأ خلفاء أقوياء

يستطيعون تحمل تبعات ومشاق المسئولية فضاع كل شيء.
*لم يقدر لتلك التجربة أن تنجح بسبب وقوف الاحتلال الإنجليزي ضد الذين ذهبوا إلى سيناء ورفضوا التصريح لهم
بالبقاء هناك خوفا منهم ، فعادوا ، ولكنه لم يعد إلى القاهرة وبقي في السويس ،
وأخذ قطعة أرض وواصل عمله الدءوب في إصلاح نفسه أولا ، وحسن عبادة ربه ، وتأليف الكتب
، وظهر له قبل الذهاب لسيناء كتابان هما : كاهن آمون ،وقناع الفرعونية.

*وعندما قامت الثورة 1952م وجد فيها تحقيقا لإصلاح يرجوه فلم يقف ضدها ، وعندما تم رحيل الإنجليز ،تعاون
مع الحكومة الجديدة في العمل الذي يخدم أهله ، وقد وثق به السئولون لأنه لم تكن له أطماع في الكراسي التي
يجلسون عليها ، وقد علمنا أن المناصب يجب أن تأتي هي إلينا لنعان في تحمل مشاقها ، ولا نطلبها حتى لا تشقينا
، وقد انتخب أمينا للفلاحين عن السويس ، وبقي فترة طويلة يواصل الناخبون إنتخابه.
*وعندما حدثت نكسة1967م وتم تهجير مدن القناة الثلاث ، قدم إلى القاهرة ، وأقام بحلوان ، وواصل العمل
الدءوب ، وانضم إلى نقابة الصحفيين ، وصار مشرفا على الصفحة الدينية بجريدة الأخبار، حتى لحق بالرفيق
الأعلى عام 1994م.
*أحمد موسى سالم ، عندما نذكره نذكر قوة الإيمان ، وقوة التمسك بالمباديء ، فهو لم يترك زيه البدوي ،
ولم يخرج من أي مبدأ إقتنع به ، ورغم المناصب التي شغلها ، ورغم قيادته ، لمجموعة من البرلمانيين
في رحلة تبادل ثقافي إلى المانيا الشرقية ، فكان تمسكه بزيه من علامات القوة والحرص على القيم التي
قد نرى أنها لا تفيد وكان يرى أنها بداية التفريط خصوصا بالنسبة له ، ولكل من يتطلع إليه على أنه أنموذج
للمصري العربي الأصيل ، الذي يفخر بكل قيمه ومنها الزي العربي ، والذي لا يجد سببا مقنعا لتركه.
*أحمد موسى سالم ،عندما نذكره نذكر معلما من الطراز الأول ، وصاحب رسالة ممتدة في رجال أحبهم وأحبوه
والتقوا في طاعة الله ، وتلاميذ وأبناء وأحفاد وابناء أحفاد، يحملون بعضا من تلك الروح الرائعة ، والعقل
المتفتح ، وقوة الإيمان.
*أحمد موسى سالم نذكره ، فنذكر تراثا قيما من العلم النافع ، يتمثل في مقالاته بجريدة الأنصار ، وجريدة
الأخبار ، ودوريات شركة المقاولين العرب ، وتسعة كتب لا تقدر قيمتها العلمية ، وأحسب أن من أهم أهداف
هذه المدونة ، نشر هذا العلم النافع الذي نحتاج إليه في إصلاح دنيانا وأخرانا .
*أحمد موسى سالم أذكره بصفة شخصية فأذكر معلما عبقريا ، كا ن له الفضل العظيم علي بعد الله وبعد والدي
في تكوين الأساس الفكري لي ، وقد تتلمذت عليه وأفخر أنه علمني قوة الحجة التي تنبع من أصالة الثقافة
والتمسك بالثوابت ، وعدم الانجراف مع تيارات الخرافات والجهل والضلال ، والتمسك بقوة بالشخصية
العربية المؤمنة ، والنهل من منابع الأصالة العربية في القرآن الكريم ، واللغة الفصحى والتاريخ العربي الناصع.
، أذكره فأذكر زيارته لي معزيا في والدي، وأذكر أنه قال لي : لقد جئت لأعلمك كيف ترتدي الزي العربي لتجمع
بين عروبة الظاهر والباطن-والحمد لله -وجدتك ترتديه ، وأحتفظ به إلى اليوم فارتديه في المناسبات التي تجمعني
بأهلي ، وأفخر به ، وأذكر اهداءاته لي التي كتبها بخطه وهو-رحمه الله- يعطيني نسخا من مؤلفاته ، لقد حملني
مسئولية كبيرة ، فكتب لي:"إلى من هو أنا إذا اجتهد ليكون المحسن إلى سيرة خاله" وأحسبني ما زلت مقصرا
في حقه حتى الآن ، واتمنى أن يقدرني الله واستطيع أنىأكون محسنا فعلا لسيرته الماجدة.
* لقد سعدت أيما سعادة عندما عرضت على الأخ الغالي أسامة أحمد موسى مشروع هذه المدونة ، وكان رده
الناصع الفوري دلالة عملية على أنه خير خلف لخير سلف -نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا- فحملنى
مسئولية كبيرة خيث قال :أنت أصلح من يقوم بذلك فقد كنت قريبا منه وأنت في مرحلة النضج الفكري وتعى
الكثير من دقائق اتجاهاته الفكرية ،كان ذلك في لقائنا به مؤخرا وبحضور مجدي النفيعي وصالح حمد.
*هذة المدونة مدونة للوفاء ،ولنشر العلم النافع ، وإذا كان تقدمنا مرهون بنشر العلم والعدل ، فأحسب أننا
عندما ننشر كتب أحمد موسى سالم ننشر علما نحن في أمس الحاجة إليه ، وفي وفائنا له -رحمه الله-
عدل ففضله علينا عظيم يستوجب أن ننشر هذا العلم.
*كنت أتمنى أن يبدأ هذا العمل منذ سنوات ولكن لم يوفقنا الله ،وأتمنى ألا يتوقف هذا العمل الذي نرجو به
وجه الله، وأن يكون في ميزان حسنات كل من يحسن إلى سيرة الخال العظيم الذي نتمنى أن يجمعنا الله به
وبكل عزيز علينا في مستقر رحمته .
*وعلى كل من يريد إرسال رسالة أو إضافة أي موضوع أو تصحيح أي معلومة، أن يرسل إلينا بأي طريقة
وسأنشره فورا ، وأحسب ان المحبون كثيرون ، والأوفياء أكثر .
(صالح يوسف أحمد شرف الدين -القاهرة 14/2/2009م)





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق